بنوك

بعد تردد إمكانية مراجعة الإشتراطات.. إصلاحات الصندوق فى ميزان الخبراء !

كد خبراء البنوك أن مصر لديها الحرية فى مراجعة صندوق النقد الدولى فى الاشتراطات التى وضعها لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى ، وذلك أمر متوقع ومقبول وليس حالة غريبة فى ظل التطورات السياسية بالمنطقة، بالإضافة إلى  التحديات التى تجعل من الصعوبة تنفيذ كافة هذه الشروط دفعة واحدة التى باتت تضر بالمواطن .

وأعلن صندوق النقد الدولي عن حزمة إصلاحات جديدة تستفيد منها مصر بشكل مباشر، حيث ستساعد هذه الإصلاحات في تخفيض تكلفة الاقتراض من الصندوق وسط التحديات الاقتصادية العالمية، وتنخفض تكلفة الاقتراض لمصر بنحو 108.5 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل نحو 144 مليون دولار)، وهو ما يمثل تخفيضًا بنسبة 48.4% في الرسوم الإضافية.

وتتضمن هذه الإصلاحات خفض الهامش على تكاليف الاقتراض والرسوم الإضافية، مما سيؤدي إلى تقليل تكاليف الاقتراض بحوالي 1.2 مليار دولار سنويًا على الدول الأعضاء.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، إن البرنامج الحالي مع صندوق النقد الدولي يأتي في ظل ظروف شديدة الصعوبة لها تأثيرات سلبية على اقتصاد العالم كله، مؤكداً أنه “لابد من وضع ذلك في اعتبار المؤسسات الدولية”.

أشار إلى ضرورة مراجعة الموقف مع صندوق النقد لمواجهة التحديات الاقتصادية وتخفيف الأعباء على المصريين، وقال “لابد من مراجعة الإتفاق إذا كان سيضع الناس في وضع غير محتمل”.

وتابع الرئيس السيسي: “لما بنتكلم عن البرنامج اللى متفقين به مع صندوق النقد الدولي، أمر مهم للحكومة، إذا كان التحدي هيخلينا نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس، لابد من مراجعة الموقف مع الصندوق”، مؤكداً أن مصر بحاجة إلى توفير مليون وظيفة سنوياً لمواجهة حجم الخريجين، الذي يتراوح بين 700 ألف إلى مليون خريج من الجامعات والمدارس، مشيراً إلى نجاح الحكومة في خفض معدل البطالة إلى 6.5%، مما يعكس الجهود المبذولة لمواجهة التحديات الاقتصادية.

وعقدت مؤخراً فى العاصمة الأمريكية واشنطن، فعاليات الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولى بحضور وفد مصرى رفيع المستوى، يضم كبار المسؤولين من البنك المركزى المصرى ووزارات المالية والتخطيط والتعاون الدولى والاستثمار ورؤساء البنوك وممثلين لقطاعات حكومية وقطاع خاص وإعلام.

كما تم خلال الاجتماعات الاعلان عن زيادة  برنامج التمويل مع مصر من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، وهو حجم تمويل مناسب لظروف ومؤشرات الاقتصاد الكلى،  ولقد تلقت مصر نحو 35 مليار دولار استثمارات من دولة الإمارات العربية المتحدة وهى صفقة مهمة لدعم الاقتصاد ، وتم التأكيد على أهمية برنامج الحماية الاجتماعية فى دعم الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجا وهى أولوية فى إطار برنامج التمويل من صندوق النقد الدولى.

كما أعلنت كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي، إنها ستأتى فى زيادة لمصر خلال عشرة أيام للإطلاع عن كثب على الوضع الاقتصادي والتأكيد على الحاجة إلى التمسك بتنفيذ الإصلاحات، مشيرة إلى أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات بسبب الصراعات في غزة ولبنان والسودان وسط خسارة 70% من إيرادات قناة السويس.

الدكتور محمد عبد العال الخبير المصرفى، قال أنه منذ صرح الرئيس عبد الفتاح السيسى عن طلبه من الحكومة مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي أخذت تطفوا على السطح حزمة من علامات الاستفهام المهمة شغلت إهتمام المهتمين والمراقبين ، من أهمها مدى أحقية مصر في التقدم للصندوق بطلب للمراجعة؟ وهل هذا يؤثر على انتظام واستمرار البرنامج؟ وهل يؤثر ذلك سلباً على وضعها الأدبي ، ومكانتها الإستراتيجية ، أو نظرة وكالات التصنيف الائتماني لها ؟  .. وهل سبق لمصر أن تعاملت مع الصندوق في مثل تلك الحالة ؟ وهل هناك تاريخيا أمثلة لدول سبق لها أن طلبت مراجعة بعض شروط الصندوق ونجحت في ذلك؟

أكد، أنه قبل أن نحاول الإقتراب من إجابات لتلك الأسئلة ، يتعين أن نوضح أن مصر لم تتأخر في تاريخها عن سداد أي إلتزام ، سواء أكان أقساط قروض أو فوائد ، ولكنها وفقاً لما ذكرة الرئيس ، نجحت فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2016 ، لأن الظروف العالمية والإقليمية كانت مواتية ومستقرة ، أما في البرنامج الحالي فقد واجهت مصر مع كل العالم تداعيات 3 صدمات خارجية صعبة ، منذ صدمة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية ، ثم حرب غزة .

أضاف قائلاً : “بل إن مصر الآن محاطة إقليمياً بمخاطر لا تتعرض لها أية دولة ناشئة في العالم ، هناك المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة المتجددة ، والمشتعلة في منطقة الشرق الأوسط بخصوص الصراع الإسرائيلي الفلسطينى من ناحية ، وإيران وإسرائيل من ناحية أخرى ، ولبنان وإسرائيل من ناحية ثالثة ، ونحن في قلب وبؤرة هذا الصراع ، وفي حال تمددها وتوسع أطرافها – لا قدر الله – فمن المؤكد أن يكون لها تداعيات على خطوط الإمداد وبالتالي إرتفاع الأسعار ، هذا بالإضافة إلى توترات البحر الأحمر التي كان من تداعياتها أن فقدت مصر نحو 60% من إيرادتها المعتادة”.

أوضح عبد العال، أنه من الطبيعى بناءاً على مثل تلك الظروف وفقاً للأعراف الدولية ، عندما تواجه دولة ظروفًا خارجية غير متوقعة مثل الحروب أو التوترات الجيوسياسية الخارجة عن إرادتها ، فيمكن لها التقدم إلى صندوق النقد الدولي لطلب مراجعة بعض شروط البرنامج بالتخفيف أو التأجيل وليس الإلغاء.

يواصل قائلاً: “وفي هذه الحالات تعتبر مثل تلك الطلبات جزءًا من علاقة التعاون المستمرة بين الدولة وصندوق النقد الدولي، حيث يسعى كل من الحكومة والصندوق إلى تحقيق توازن بين تنفيذ الإصلاحات الضرورية والحفاظ على الاستقرار والسلام الاجتماعي”.

قال: ” نعم من الممكن أن يوافق صندوق النقد الدولي على مراجعة شروط البرنامج وتأجيل بعض بنوده بناءًا على طلب الدولة المعنية ، حيث يتفهم الصندوق أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية يمكن أن تتغير بشكل يؤثر على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، وبالتالي قد يكون مرنًا في إعادة التفاوض بشأن الشروط” .

وبالنسبة لمصر فقد سبق إبان تنفيذ البرنامج أن واجهتها تحديات عديدة مثل التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما دفع الحكومة إلى طلب تعديلات في بعض بنود البرنامج في عدة مناسبات، وتم التوصل إلى اتفاق مع الصندوق لتخفيف بعض الشروط أو تأجيل تنفيذ أهداف معينة لضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن هناك تجارب تاريخية دولية توثق سابقةً التفاهم مع الصندوق على شروط أكثر ملاءمة خلال فترات تنفيذها لبرامج الإصلاح الاقتصادي.

فعلى سبيل المثال تمكنت الأرجنتين من التفاوض على شروط أكثر ملاءمة خلال محادثاتها مع صندوق النقد الدولي ، خاصة في ضوء الأزمات الاقتصادية التي مرت بها ، وتم تعديل بعض الشروط لتحسين الحماية الاجتماعية وإعطاء الحكومة مزيدًا من المرونة في التعامل مع القضايا الاقتصادية المحلية.

كما استجابت أوروبا وصندوق النقد الدولي لتغير الظروف في اليونان ، عن طريق تخفيف بعض المتطلبات، مثل تمديد المواعيد النهائية لتنفيذ الإصلاحات وتقليل الأهداف المالية التي كان يتعين على اليونان تحقيقها، كما أنه فى حالة مماثلة سابقة استطاعت باكستان إقناع صندوق النقد بتخفيف متطلبات معينة لتمكين الحكومة من تنفيذ سياسات تهدف إلى دعم الفئات الأكثر ضعفًا.

ويذكر أيضاً أنه أحيانًا يُسمح بتعديل في الجداول الزمنية للإصلاحات أو تعديل الأهداف المالية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة ، ولكن الأمر ليس بالسهولة التى قد نتصورها ، فالأمر يحتاج وقتا وجهدا ومفاوضات قد تطول دون سقف زمني ، ولكن يتعين على مصر أن تجهز ملفا كاملا مفصلا ، يوضح ملابسات وأسباب تقديم الطلب وعرضا للأوضاع الاقتصادية والنقدية الطارئة من كل النواحي وانعكاساتها على الأوضاع الاجتماعية للمواطنين ، وتقديم تصور عن المخاطر الاقتصادية والاجتماعية المحتملة بدقة وشفافية ، والتي تبرر تقديم طلب التفاوض على بعض المراجعات التي يتعين تحديدها بدقة وشفافية ، كما يتعين تقديم خطط وسيناريوهات ومقترحات بديلة لما هو مطلوب تعديله.

من ناحية أخرى من المتصور أن تسعى مصر للحصول على تأييد ودعم الدول الصديقة والداعمة ، وإذا نجحت مصر في إتمام ذلك تكون قد خففت عن كاهل مواطنيها بعضا من قسوة تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي ، وتضمن في ذات الوقت تعاون الصندوق ومؤسسات التمويل الدولية الأخرى ودول الدعم في الإلتزام بسداد المخصصات المحددة من قبلهم لمصر دون توقف أو تأخير.

عبد العزيز الصعيدى الخبير المصرفى، أكد أنه يحق للدولة المصرية أن تقوم بمراجعة صندوق النقد الدولى فى الاشتراطات ، فى حالة أن تستجد أى ظروف على مستوى التغييرات الجيوسياسية والجغرافية فى ظل الحروب والتوترات فى المنطقة ، وبالتالى فإن هذه التحديات بجانب الاجراءات تجعل الأمر أكثر من قدرة المواطن على التحمل ، وهو الأمر الذى جعل الرئيس السيسى يطالب بمراجعة الصندوق فى الشروط .

أضاف ، أنه من الطبيعى بناءاً على مثل تلك الظروف وفقا للأعراف الدولية ، عندما تواجه دولة ظروفًا خارجية غير متوقعة مثل الحروب أو التوترات الجيوسياسية الخارجة عن إرادتها ، فيمكن لها التقدم إلى صندوق النقد الدولي لطلب مراجعة بعض شروط البرنامج بالتخفيف أو التأجيل وليس الإلغاء.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى